ÑÄíÇ ááãÚáæãíÇÊ

سلام الشماع

منذ أن اختيرت محافظة الكرك مدينة للثقافة الأردنية أصبح مثقفو هذه المحافظة في مواجهة التطرف والإرهاب والمخدرات والعادات الاجتماعية البالية عبر نشاطات نظمتها لهم مديرية ثقافة الكرك لجر الشباب إلى طريق الإبداع عبر اكتشاف قدراتهم في المجالات العلمية والثقافية، بدلاً من أن تتلقفهم بؤر التطرف والإرهاب، ونجح هذا المسعى في اكتشاف طاقات علمية وثقافية كبيرة شبابية عبر نادي الإبداع في الكرك، وهو الوحيد في المملكة.

بدأت استعدادات هذه المديرية، بصفة مبكرة، لتطوير نشاطاتها الكثيرة، وفي مقدمتها مهرجان الكرك الثقافي لهذا العام 2019 بحيث يضفي هذا المهرجان بصمة تتناسب وخصوصية مدينة الكرك وتاريخها العريق. 

ويتزامن هذا التوسع مع انتقال المديرية من بنايتها الحالية إلى بناية مركز الأمير الحسن الثقافي في المدينة، ما سيتيح لها تغطية رقعتها الجغرافية، بنحو غير مسبوق، بفعاليات وأنشطة ثقافية ستكون الأولى على مستوى المملكة، لاحتواء البناية الجديدة على مسرح يتسع لـ(700) شخص، ومقابل المسرح تتوفر ردهة لمعارض الفن التشكيلي، وصالة لكبار الزوار، ومكتبة مكونة من طابقين وجناح خاص للأطفال وأمامها صالة استقبال تتسع لـ(40) شخصاً، و5 قاعات تبلغ مساحاتها الكلية 800 متر مربع، مع حديقة وساحات خارجية تفكر المديرية بإقامة أمسياتها الثقافية ومعارضها فيها.

وتخبر عروبة يحيى الشمايلة مديرة ثقافة الكرك (الحدث) أن البرنامج الموضوع للمكتبة يتضمن تمكينها من استقبال الطلبة، الذين يشتغلون على أطروحاتهم الأكاديمية ومساعدتهم للوصول إلى المعلومة، التي يريدونها، من خلال تزويد المكتبة بكل أوعية المعرفة الخاصة بالكرك من المواد المطلوبة المصورة والمسموعة، وتوفير آلة تصوير، فضلاً عن تخصيص مكان أو زاوية لاستقبال الزائرين أو المختصين وعرض نماذج من الكتب الحديثة والقديمة، وتشجيع أبناء الكرك على زيارة المكتبة بتقديم عروض تسجيلية للأفلام عن المثقفين والثقافة في الكرك والأردن، وتحفيز طلبة المدارس على تحدي القراءة.

وستتضمن المكتبة، كما تقول، مكتبة إلكترونية لتلبية الاحتياجات المعرفية لرواد المكتبات العامة من خلال توفير مجموعة حديثة من أوعية المعلومات ذات الأولوية المعرفية، وتشمل الكتب الأجهزة الإلكترونية وتمكين المستخدمين من تحميل الكتب في مختلف التخصصات.

ويضم مركز الأمير الحسن الثقافي أكاديمية للفنون الأدائية، فمن خلال مختبر المسرح الجوال مع المخرج حكيم حرب وتدريباته لشباب محافظة الكرك برزت طاقات إبداعية من خلال تجربة المدرسة المسرحية أثبتت قدراتها على التمثيل المسرحي، وفي مجال الموسيقى والفن التشكيلي، تسعى مديرية الثقافة في الكرك إلى خلق جيل واع ثقافيًا وفنيًا عن طريق رفع قدرات الشباب وتعزيز مواهبهم وإكسابهم الخبرة اللازمة في مجال الموسيقى والفن التشكيلي والثقافة العامة من خلال عقد ورشات تدريبية في هذه المجالات، فضلاً عن زيادة وعي الشباب بالمواطنة، ومهارات الاتصال والعمل ضمن الفريق، وإبعاد الشباب عن السلوكيات السلبية المتطرفة، وتطوير قدراتهم في مجالي الفنون الموسيقية والتشكيلية، وتسعى المديرية إلى تجهيز مكان مناسب في المركز ضمن مواصفات فنية تناسب العروض السينمائية، لعرض فيلم كل شهر، وتشجيع إنتاج الفيلم التسجيلي. أما في مجال الأدب والتراث فالمديرية مستمرة في إقامة الأمسيات الثقافية سواء الحديث عن الأدب من خلال قراءات النصوص والنقد أو الحديث عن التراث، أو حفلات إشهار الكتب (كتاب كل شهر) على مستوى أبناء المحافظة والانطلاق إلى المحافظات والمثقفين العرب المقيمين.

 وستطلق المديرية هذا العام (يوم الوثيقة الأردني) لأن الكثير من الوثائق الأردنية غائبة أو موجودة عند أشخاص وخشية عليها، سواء كانت صورة أم وثيقة مكتوبة أم مسجلة، من الفقدان جاء إطلاق هذا اليوم.

اختيرت الكرك مدينة للثقافة الأردنية للعام 2009، ضمن مشروع مدن الثقافة الأردنية، الذي انطلق سنة 2006، واختيرت أربد مدينة للثقافة سنة 2007، تبعتها السلط سنة 2008، ومع بداية العام الحالي 2018 بدأت مدن الثقافة الأردنية على مستوى الألوية يرشح كل مجلس محافظة لواء واحداً يقدم إلى لجنة تحكيم تعينها وزارة الثقافة وبناء على تنسيب اللجنة تم اختيار لواء الأغوار الجنوبية التابع لمحافظة الكرك مدينة للثقافة الأردنية للعام 2018 .

ويهدف مشروع المدينة الثقافية إلى تعزيز البنية الثقافية التحتية لمدينة الثقافة، وإصدار سلسلة كتب مدينة الثقافة، وتنمية روح المواطنة والانتماء لأبناء مدينة الثقافة، وتفعيل الحراك الثقافي فيها وجعلها أرضا خصبة للفعل الثقافي الدائم والفعّال، وتحقيق العدالة في توزيع مكتسبات التنمية الثقافية، وتشجيع الإبداع والمبدعين والترويج للمنتج الثقافي لأبناء المحافظات، والمستهدف هو مختلف شرائح المجتمع المحلي لمدينة الثقافة، وللوطن بصفة عامة.

تقترح عروبة الشمايلة مديرة ثقافة الكرك لتطوير فعاليات المدن الثقافية تقديم مشاريع ذات ديمومة واستمرارية عبر رسم خطة عمل تحدد المبادرات وتطورها لترك الاثر الايجابي للمجتمعات.

ويرى الكاتب الأردني عواد النواصرة أن التنمية الثقافية أكثر ما تحتاجه المجتمعات البعيدة عن الأطراف، مشيراً إلى أنّه عندما فاز لواء الأغوار الجنوبية كمدينة للثقافة الأردنية 2018، بدأت نشاطات المدينة، وبدأ معها التفاعل من كل أطياف المجتمع، حيث كانت الفعاليات متعددة ومتنوعة وشملت كل قطاعات المجتمع وتم إثراء البعد الثقافي أكثر عن طريق المشاركات الخارجية من خارج اللواء وحتى من خارج المملكة مما أسهم في تنوع ثقافي متميز. 

ولاحظ النواصرة بروز العديد من المواهب الإبداعية في المجالات المختلفة وتفاعل المجتمع بنحو عام مع فعاليات المشروع، بالإضافة إلى إقامة المشاريع المختلفة التي تهتم بالشأن الثقافي مثل: مجسم يمثل شعار المدينة الثقافية وإقامة صالون الأغوار الجنوبية الثقافي وتأليف الكتب التي توثق للواء الأغوار الجنوبية تاريخياً، متمنياً تمديد عام الثقافة للأغوار عاماً آخر ليزداد الحراك الثقافي. 

هايل السعيدين، وهو رئيس إحدى الجمعيات الخيرية في لواء الأغوار الجنوبية، قال إن عام 2018 كان عاما مميزاً للواء عندما فاز بلقب مدينة الثقافة الأردنية، إذ بدأت نشاطات المدينة وبدأ معها التفاعل من كل أطياف المجتمع، فكانت الفعاليات متعددة ومتنوعة ووصلت إلى أقصى الجنوب، وإلى بادية الأغوار الجنوبية، وإلى منطقة المعمورة، ملاحظاً بروز العديد من المواهب الإبداعية في المجالات المختلفة وإقامة المشاريع المختلفة التي تهتم بالأماكن السياحية والأثرية في الأغوار وإقامة صالون الأغوار الجنوبية.

وما أسهم في إنجاح فعاليات لواء الأغوار وجود عدد من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي ووجود هيئات ثقافية فاعلة فضلاً عن الإقبال الجماهيري اللافت لأبناء الأغوار مما أسهم في رفع القدرة النشاطية لدى الشباب المشاركين الذين كانت تقع على عاتقهم مسؤولية الترتيب والتنظيم والتنسيق كما أسهمت بتعريف الآخرين من خارج اللواء بالإرث الثقافي في الأغوار الجنوبية وإظهاره، إذ ألقت الفعاليات الضوء على الصناعات اليدوية ذات الطابع التراثي في اللواء، كصناعة القصب والسجاد والمفارش وغزل الصوف وبعض الصناعات ذات الطابع الخدمي اليومي كصناعة الأدوات الزراعية والصناعات الغذائية وصناعة الملابس التراثية والأزياء والفسيفساء وصناعة الفضة، بالإضافة إلى صناعة النول (الأرضي) ونول المصانع: وهي موجودة في مدينة الكرك وفي منتدى مؤتة للثقافة والتراث، وينتج هذا اللون من الصناعة أشكالا مختلفة من نسيج الصوف ومن شعر الماعز لسد حاجات المجتمع المحلي، إلى جانب صناعة التطريز وتهديب الشماغات الرائجة في ريف الكرك، والتي يتم تسويقها إلى عدد من المعارض في عمّان وغيرها، و صناعة الشباري، التي تمارسها فئة متنقلة في ريف الكرك هي فئة (الخزاعية)، إذ تصنع نصل الشبرية (الخنجر) من قطع معدنية خاصة والنقش بالفضة على غمد "الشِّبرية"، وعملية الصبغ الطبيعي (بودرة النيلة) من مزرعة النيلة التابعة لجمعية سيدات غور الصافي، والصناعات الغذائية، مثل صناعة السمن واللبن (الجميد) والجبنة والعسل، وتغليف بعض أنواع الحبوب كالبرغل والعدس وصناعة "المكابيس".

  

..