محمد السيد محسن
رأسي ليس نفاضة سجائر ، هكذا كان ردّي مع نفسي ولم استطع ان ارد على المعمم واثق البطاط ، حيث لم يهتز الجسد الصحفي ولا الجسد الحكومي في الرد على رجل يرتدي عمامة ويسمح له ان يقود مجموعة من المواطنين كتابعين له كما هي التبعية الدارجة في العراق هذه الأيام .
ربما يقول البعض ان القضية عفى عليها الزمن وان البطاط لم ينفذ تهديده ولم يتحول رأس الضابط العراقي الى منفضة سجائر ، لكنني ارى ان هذه الاختبارات إذا مرت دون ان يقف عندها اصحاب القرار فان الوضع سيزداد سوءاً وتخلفا بشكل اوسع.
تلك حكاية من الف حكاية تدور في العراق وبشكل يومي ، يعتقد البعض انها لا تشكل خطراً آنياً بيد انها تسبب الاخصاء الفكري لمجموعة عراقيين باتوا يبررون عدم فاعلية تحركهم تجاه الآخر لانه أولاً يرتدي عمامة ،وثانياً يجردونه من الرحمة والتسامح وبالتالي فهم يتعاملون مع شخص قاسي الردود وغير مبالي بعقوبة ما .
هل هذا هو الدور الذي يجب ان يتسم به رجل الدين ،الداخل بالسياسة او المتقرب منها؟
بالطبع لا ،لكنها فكرة ملعونة بدأت تتسرب الى عقول الكثير من العراقيين حيث يرون ان السر يكمن في ارتداء العمامة فقط ، يكفيك ان ترتديها وتفعل ما تشاء حيث تدافع عنك السلطة وتحتضنك أحزابها ويبرر لك تابعون .
هناك من يعتقد راسخاً انه بات بدون قوة فيما يذهب اخرون ان هناك محاولات تركيع وإخصاء متعمد من خلال السماح لبعض من يرتدون العمامة بتهديد الاخر ولا يعاقبهم صاحب القرا .
قبل البطاط كان الكفيشي ومن شاشة التلفاز أيضاً تحدث بما فهم منه تهديد تهديد عراقيين مدنيين وشيوعيين ، وسط استنكار شعبي كبير وتعبئة جماهيرية لكنها للأسف كانت في العالم الافتراضي ، وبقي هو يستمر في مجلسه الأسبوعي من قناة حزبه ، ولم ينذره احد اصحاب القرار ولم يعنّفه احد ، الأمر الذي يعطي القوة لغيره ، لذلك تبعه البطاط في الجهر بالتهديد والوعيد.
البعض حاول مقاومة حالة النكوص فبدأ يستعين بالتاريخ القريب ويروج لحديث أية الله محمد حسين فضل الله عن حالة استسهال ارتداء العمامة ، وأنها باتت تمثل زياً لا يعني بالضرورة لمرتديها ان يكون رجل دين ، فيما تسربت أنباء عن نيّة المرجعية عن توجيه خطاب واضح المعالم يحذر مرتدي العمامة من المساس بقدسيتها ، وعدم التفريط بسمعة رجل الدين حيث انه يجب ان يكون رمزاً للفضيلة والتسامح ، ولا يؤاخذ بتهم التهديد والدعوة للانتقام والقتل .
لكنني ارى ان ارتباك القيم وتغير نظرة العامة لشخصية رجل الدين في هذه المرحلة يعود بالأساس الى فساد السلطة والتصاق بعض رجال الدين بها كقادة احزاب وبشخصيات مؤثرة في الواقع السياسي الذي ابتلي بالفساد وانعكس هذا الابتلاء على الزي الرسمي والمتعارف لرجل الدين المسيس ، واتهامه بالانتهازية أولاً ثم بمحاولة تجهيل الآخر من ابناء الشعب ليضمن بقاءه في سدة القرار السياسي وبالتالي ابتعاده عن دوره كمبلغ للفضيلة والتسامح.
انها تداعيات الخلط بين مفهومي الوطن والدين ، ويخشى ان يتحول الى ثقافة سائدة يتأثر بها العراقيون فلا يعود العراق وطنا بالنسبة لهم بقدر ما هو مشروع سياسي ربما يقوده رجل من وراء الحدود ويمثله ثلة من المستفيدين والملتزمين برأي من وراء الحدود ، وربما ان الوطن لديهم يتقاطع مع فتوى من خارج الحدود وان كانت من زعيم دولة جارة.
بل وان كانت الفتوى تتعارض مع مصلحة العراق كوطن بحدوده الإدارية التي تميعت بفعل بعض الذين يرتادون العمامة ويسعون لصنع الوطن التابع والمواطن التابع والمصير المرتبط بالتبعية وفق رؤية مذهبية سائدة.
لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر الفيس بوك لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر كوكل بلس لمتابعة كل جديد
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر تويتر لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر اليوتيوب لمتابعة كل جديد .
تابع